أزمة التجنيد الحريدي: تسجيلات مسربة تكشف ضغوط نتنياهو لإنقاذ ائتلافه

الرؤية المصرية:-- أثارت تسجيلات مسربة بُثت عبر القناة 13 الإسرائيلية جدلاً واسعاً في إسرائيل، حيث كشفت عن محادثة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والحاخام الحريدي موشيه هليل هيرش، تناولت أزمة تجنيد اليهود الحريديم في الجيش الإسرائيلي.

أزمة التجنيد الحريدي: تسجيلات مسربة تكشف ضغوط نتنياهو لإنقاذ ائتلافه

جرت المحادثة في مارس 2025، في خضم تصاعد التوترات داخل الائتلاف الحكومي بسبب فشل تمرير قانون يعفي طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية الإلزامية. تُظهر التسجيلات جهود نتنياهو لاحتواء الأزمة والحفاظ على استقرار حكومته، وسط تهديدات الأحزاب الحريدية بحل الكنيست.

اقرأ ايضأ:-

التسجيلات المسربة وتعهدات نتنياهو

في التسجيلات، تحدث نتنياهو باللغة الإنجليزية مع الحاخام هيرش، زعيم التيار الحريدي-الليتواني، مؤكداً أنه أقال وزير الدفاع السابق يوآف غالانت ورئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي بسبب معارضتهما لإعفاء الحريديم من التجنيد.

وقال نتنياهو: "لقد واجهنا عقبات هائلة وقمنا بإزالتها. عندما يكون وزير الدفاع ضدك ورئيس الأركان ضدك، لا يمكنك التقدم. أما الآن، فقد أصبح بإمكاننا التحرك." أشار نتنياهو إلى أن إقالة غالانت في نوفمبر 2024 واستقالة هاليفي في مارس 2025، بعد تحمله مسؤولية إخفاقات هجوم 7 أكتوبر 2023، كانتا خطوتين لتسهيل تمرير قانون الإعفاء.

نتنياهو حذر من التعجل في تمرير القانون، موضحاً أن تحديد مهلة زمنية قصيرة قد يتيح للمعارضة عرقلة العملية، قائلاً: "تحديد موعد نهائي سريع جدا سيضر بالعملية... أعتقد أن الأمر يحتاج إلى حوالي ثمانية أسابيع إضافية."

هذا النهج يعكس استراتيجية نتنياهو لكسب الوقت وتجنب انهيار الائتلاف الحكومي، الذي يعتمد بشكل كبير على دعم الأحزاب الحريدية مثل "شاس" و"يهدوت هتوراه". 

جهود دمج الحريديم في الجيش

ناقش نتنياهو مع هيرش جهود الجيش الإسرائيلي لإنشاء وحدات مخصصة للحريديم تتيح لهم الخدمة مع الحفاظ على نمط حياتهم الديني. وقال: "الجيش يقوم تماماً بما طلبناه منه... يُنشئون المسارات ويُوفرون الإمكانيات لاستقبال الحريديم ودمج نمط حياتهم الديني."

وأشار إلى أن هذه الخطوات أصبحت ممكنة بعد تغيير القيادات العسكرية التي كانت تُعيق هذه العملية. ومن بين المبادرات المذكورة، اقتراح هاليفي السابق لإنشاء يشيفا في غور الأردن لتدريب جنود حريديم ضمن فرقة عسكرية جديدة، وإنشاء لواء الحشمونائيم، وهو أول لواء حريدي في تاريخ الجيش الإسرائيلي.

ومع ذلك، يناقض بيان مكتب نتنياهو هذه الرواية، مدعياً أن غالانت وهاليفي عارضا إنشاء وحدات خاصة بالحريديم، بينما الحقيقة أن كليهما دعما مثل هذه المبادرات.

هذا التناقض أثار انتقادات واسعة، حيث اعتبر البعض أن نتنياهو يحاول تسويق رواية تخدم أهدافه السياسية لاسترضاء الحريديم. 

 ردود الفعل وتهديدات الحريديم

تصاعد غضب الأحزاب الحريدية، مثل "يهدوت هتوراه" و"شاس"، بسبب تأخر تمرير قانون الإعفاء، خاصة بعد قرار المحكمة العليا في يونيو 2024 بإلغاء إعفاء الحريديم ومنع تمويل المدارس الدينية التي يرفض طلابها التجنيد.

تلقى موشيه غافني، رئيس حزب "ديغل هاتوراه"، تعليمات مباشرة من الحاخام هيرش لتقديم مشروع قانون لحل الكنيست إذا لم يُقر قانون الإعفاء، مما يهدد بانهيار الائتلاف الحكومي.

كما كشف مسؤول عسكري أن من بين 24 ألف أمر استدعاء أُرسل للحريديم في 2024، استجاب 1212 فقط (5%)، مما يعكس رفضاً واسعاً للتجنيد ضمن هذا المجتمع.

 هذا الرفض يعزز موقف الحاخامات، مثل هيرش، الذين يرون أن دراسة التوراة هي "حماية لإسرائيل"، ويعتبرون التجنيد تهديداً لهويتهم الدينية.

التداعيات السياسية

تُعد أزمة التجنيد الحريدي اختباراً حاسماً لاستمرارية حكومة نتنياهو، التي تعتمد على دعم الأحزاب الحريدية. التهديدات بحل الكنيست، كما أشار تقرير "معاريف"، قد تحدد مصير الحكومة خلال أيام، خاصة مع اقتراب انتهاء مهلة الحريديم.

تُظهر التسجيلات المسربة مدى الضغوط التي يواجهها نتنياهو للموازنة بين مطالب الحريديم وحاجة الجيش إلى قوات إضافية في ظل الحروب المستمرة.

المعارضة، بقيادة شخصيات مثل بيني غانتس، تتهم نتنياهو بتقديم تنازلات للحريديم للحفاظ على حكومته، على حساب مبدأ المساواة في تحمل الأعباء. 

تكشف التسجيلات المسربة عن عمق أزمة التجنيد الحريدي وتأثيرها على الاستقرار السياسي في إسرائيل. من خلال محاولاته لاسترضاء الحريديم، يسعى نتنياهو للحفاظ على ائتلافه، لكنه يواجه تحديات معقدة بسبب المعارضة الداخلية والخارجية والضغوط القضائية. 

بينما يحاول الجيش إنشاء وحدات مخصصة للحريديم، مثل لواء الحشمونائيم ويشيفا غور الأردن، يظل الرفض الحريدي للتجنيد عقبة رئيسية. 

هذه الأزمة ليست مجرد نزاع حول الخدمة العسكرية، بل صراع عميق حول الهوية والمساواة في المجتمع الإسرائيلي، قد يُعيد تشكيل المشهد السياسي في البلاد.