ثورة الخشبة: مهرجان المسرح والمجتمع يعيد صياغة الفن الملتزم في سليانة

الرؤية المصرية- تونس- سليانة- كتب: عوض سلام//

في ليلة الأحد 29 يونيو 2025، اختتمت الدورة الرابعة لمهرجان المسرح والمجتمع بسليانة بعروض موسيقية ومسرحية حملت صوت الالتزام وقضايا الشعوب.

المهرجان، الذي ينظمه مركز الفنون الدرامية والركحية بسليانة، قدم منصة للمسرح الثائر والموسيقى البديلة، مؤكدًا دوره كفضاء للتغيير الإيجابي والتنوير الثقافي.

في حوار حصري مع صالح فالح، مدير المهرجان، كشف عن رؤيته لدور الفن في بناء وعي الأجيال ومواجهة التحديات المجتمعية، سواء في تونس أو في العالم العربي.

مهرجان يحتفي بالالتزام

الدورة الرابعة لمهرجان المسرح والمجتمع شهدت تقديم مجموعة من العروض المسرحية والموسيقية التي ركزت على قضايا إنسانية ملحة، مثل الإبادة المتواصلة في غزة، والحرية، والهوية.

العروض الموسيقية، التي تضمنت أعمالاً ملتزمة مثل عرض فرقة أنخاب، احتفت بالغناء الملحمي والحماسي، بينما قدمت العروض المسرحية، مثل رقصة سماء للطاهر عيسى بن العربي، رؤى نقدية للتطرف والتفكك الأسري.

في حواره معنا، يقول صالح فالح:

 

"قدمنا جملة من العروض الموسيقية، تقريبا الموسيقى الملتزمة والبديلة... ركزنا في اختبارات على الملتزم منها ويعنى بقضايا المجتمع على المستوى الوطني وأيضا على مستوى العالم خاصة ما يقع في غزة من إبادة دائمة ومتواصلة."

هذا التركيز على الفن الملتزم يعكس رؤية المهرجان كفضاء يقاوم (الاستهلاكية) ويعزز المسرح الجاد الذي يفضح الأوضاع الاجتماعية ويدافع عن القيم الإنسانية.

المسرح الثائر: شعار الدورة

على عكس المهرجانات الترفيهية، اختار مهرجان المسرح والمجتمع أن يركز على "المسرح الثائر" والغناء النضالي. هذا التوجه، كما يوضح صالح فالح، ليس مجرد اختيار فني، بل ضرورة ثقافية:

"الشعار الواضح على المهرجان هو " المسرح يغير وجه المدينة"... ضروري أنك تذهب إلى المسرح الجاد المسرح الذي يفكر.. المسرح الذي يريد التغيير الإيجابي."

هذا الشعار لم يكن مجرد كلمات، بل تجسد في اختيار العروض التي تناولت قضايا مثل الحرية والعدالة الاجتماعية، وحتى المأساة الفلسطينية. الجمهور، الذي ضم عائلات وأطفالاً، تفاعل مع هذه العروض بحماس، مما يعكس نجاح المهرجان في خلق "ثقافة القرب" التي تجمع الفن بالمجتمع.

أهمية المهرجان: بناء وعي الأجيال

من أبرز سمات المهرجان هذا العام استقطابه لجمهور متنوع، بما في ذلك الأطفال الذين يمثلون الجيل القادم. صالح فالح يرى في هذا الجمهور أمل المستقبل: "من كان يستمع لك وعمره عشرة سنوات سيكون عمره خمسة عشر سنة فأنت حالياً تبني في هذا الجيل."

هذا التركيز على الأجيال الشابة يعكس رؤية طويلة الأمد تهدف إلى بناء وعي ثقافي واجتماعي. المهرجان، من خلال ورش العمل والمختبرات التي ينظمها مركز الفنون الدرامية والركحية على مدار العام، يسعى إلى إشراك المثقفين والفنانين المحليين في صياغة فن ملتزم يعكس تاريخ سليانة كنقطة مقاومة ضد الاستعمار ومركز للتنوير الثقافي.

 فضاء للمقاومة الثقافية

كناقد مسرحي، يمكن القول إن مهرجان المسرح والمجتمع بسليانة يمثل نموذجًا نادرًا للفضاءات الثقافية التي تجمع بين المتعة الفنية والالتزام الاجتماعي. العروض المقدمة، سواء كانت موسيقية أو مسرحية، نجحت في خلق حوار مع الجمهور، خاصة من خلال تناول قضايا ملحة مثل الإبادة في غزة.

ومع ذلك، قد يكون التحدي الأكبر هو توسيع نطاق المهرجان ليشمل أعمالًا من دول عربية ودولية أخرى، كما أشار صالح فالح: "وربما في مراحل قادمة تكون من دول شقيقة عربية أو من أنحاء العالم."

هذا الطموح يضع المهرجان على عتبة جديدة، حيث يمكن أن يصبح منصة عالمية للفن الملتزم، مع الحفاظ على خصوصيته المحلية المرتبطة بتاريخ سليانة.

المسرح كفعل حي 

مهرجان المسرح والمجتمع، في دورته الرابعة كان فعلاً حيًا يسعى لتغيير وجه المدينة، كما يقول صالح فالح. من خلال عروض مثل رقصة سماء وأنخاب، استطاع المهرجان أن يقدم فنًا يجمع بين المتعة الفكرية والوجدانية، موجهًا رسالة واضحة: المسرح الملتزم قادر على إلهام الأجيال وتعزيز القيم الإنسانية.

وكما يؤكد فالح: "ضروري أن الفنون تؤدي وظيفتها الحقيقية إضافة إلى وظيفة التسلية والترفيه." مع انتظار الدورة الخامسة، يظل مهرجان سليانة منارة للفن الثائر الذي يغير ويبني.