التقارير المنشورة في وسائل إعلام مثل إسرائيل هيوم ويديعوت أحرونوت تتحدث عن خطة طموحة لإنهاء الحرب في غزة خلال أسبوعين، مع تغييرات جذرية في خريطة المنطقة. لكن، هل نحن أمام اتفاق سلام حقيقي، أم أمام نهاية قانونية لفلسطين كما نعرفها؟
ملامح الاتفاق المزعوم
وفقًا للتقارير، جرت مكالمة هاتفية بين ترامب ونتنياهو، بحضور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ركزت على خطة تشمل النقاط التالية:
- وقف إطلاق النار في غزة: إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين لدى حركة حماس، مع نفي قيادات الحركة إلى دول أخرى كجزء من تسوية إقليمية.
- إدارة غزة: نقل إدارة القطاع إلى تحالف من أربع دول عربية، يُزعم أنها تشمل مصر والإمارات، تحت إشراف أمريكي وإسرائيلي. مصر، بحسب التقارير، ترفض هذا الدور.
- السيادة على الضفة الغربية: الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيلية جزئية على أجزاء من الضفة، مما يعني ضم هذه المناطق بشكل دبلوماسي.
- توسيع اتفاقيات إبراهام: إدراج سوريا، لبنان، والسعودية في إطار الاتفاقيات، مع تقديم حوافز مثل رفع العقوبات عن سوريا، مساعدات اقتصادية، وإنترنت ستارلينك للبنان.
- حل الدولتين: مناقشة حل الدولتين مع إصلاحات في السلطة الفلسطينية، لكن الدولة الفلسطينية ستكون مجزأة ومنزوعة السلاح.
- إعادة تشكيل المنطقة: تقليص نفوذ إيران وإضعاف "محور المقاومة"، مع احتمال إعادة رسم حدود تشمل ضم أجزاء من سوريا ولبنان لإسرائيل.
سلام أم هيمنة؟
وجهة السلام
- من منظور المؤيدين، كما تعكس تقارير إسرائيل هيوم، يُعد هذا الاتفاق خطوة تاريخية لإنهاء صراع غزة، تأمين الأسرى، وتعزيز الاستقرار عبر التطبيع الموسع.
- دور ترامب، بدعم من مبعوثه ستيفن ويتكوف، والحوافز الاقتصادية للدول العربية، تشير إلى طموح دبلوماسي لدمج إسرائيل في المنطقة.
- توسيع اتفاقيات إبراهام لتشمل السعودية قد يفتح آفاقًا اقتصادية وأمنية، مع تقليص نفوذ إيران، وهو ما يُروج له كأساس لسلام دائم.
وجهة النهاية
في المقابل، يرى المحللون السياسيون، كما في تحليلات الجزيرة وبي بي سي، أن الاتفاق يخدم أجندة إسرائيلية على حساب الفلسطينيين، فنقل إدارة غزة إلى تحالف عربي تحت إشراف إسرائيلي يقوض السيادة الفلسطينية، بينما الاعتراف بسيادة إسرائيلية على الضفة يُشرعن الضم تحت ستار الدبلوماسية.
كما أن الدولة الفلسطينية المقترحة، المجزأة ومنزوعة السلاح، لن تكون سوى ظل رمزي محاط بدولة احتلال مهيمنة، وإعادة رسم حدود تشمل أجزاء من سوريا ولبنان، إن تحققت، قد تُشعل صراعات جديدة.
العقبات أمام التنفيذ
يواجه الاتفاق تحديات جسيمة تجعل تنفيذه غير مضمون:
- رفض مصر: تمسك مصر بحل الدولتين على حدود 1967 وعاصمة القدس الشرقية، ورفضها المشاركة في إدارة غزة، يعيقان الخطة.
- موقف السعودية: ربطت المملكة التطبيع بإقامة دولة فلسطينية، وهو شرط يتعارض مع الرؤية المقترحة.
- رد حماس: مطالبة الحركة بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي تجعل موافقتها على نفي قادتها وتسليم غزة غير مرجحة.
- سوريا ولبنان: التطبيع مع هاتين الدولتين يصطدم بنفوذ إيران وحزب الله، فضلاً عن التحديات الداخلية.
- الرأي العام: تهميش القضية الفلسطينية قد يثير غضب الشعوب العربية، حتى لو وافقت الحكومات، مما يهدد الاستقرار.
إعادة تشكيل أم محو هوية؟
الادعاء بأن الاتفاق سيؤدي إلى "إعادة هندسة" الشرق الأوسط يحمل بعض المصداقية، إذا نُفذ كما ورد، فقد يوسع حدود إسرائيل، يعزز هيمنتها، ويضعف خصومها مثل إيران.
لكن هذا يأتي على حساب القضية الفلسطينية، التي قد تُختصر إلى جيوب صغيرة منزوعة السلاح، محرومة من السيادة، وهذا السيناريو قد يُنهي فلسطين كما نعرفها، ليس بالحرب، بل عبر اتفاق دبلوماسي يُشرعن الوضع القائم.
ومع ذلك، الاتفاق يظل تخمينيًا. تفاصيل مثل ضم أراضٍ سورية أو لبنانية تفتقر إلى تأكيدات من مصادر محايدة، ورفض دول رئيسية مثل مصر والمقاومة الفلسطينية المحتملة يجعلان التنفيذ بعيد المنال.
فالتقارير تعكس طموحات إسرائيلية-أمريكية، لكنها تتجاهل تعقيدات المنطقة.
في النهاية فإن الاتفاق المزعوم بين ترامب ونتنياهو، إن صح، يحمل إمكانية تغيير وجه الشرق الأوسط، لكنه يثير مخاوف عميقة بشأن عدالته واستدامته.
هل هو سلام ينهي الصراعات، أم خطة لتثبيت الهيمنة الإسرائيلية وإنهاء الحلم الفلسطيني؟
الإجابة تعتمد على مواقف الأطراف الإقليمية واستجابة الشعوب، فالقضية الفلسطينية ليست مجرد بند دبلوماسي، بل رمز للهوية والكرامة، فأي اتفاق يتجاهل هذه الحقيقة قد يزرع بذور صراعات جديدة بدلاً من تحقيق السلام.
عوض سلام29 يونيو 2025