وضع الأقليات في سوريا بعد سقوط الأسد

الرؤية المصرية- سوريا-ى كتب: عوض سلام/ أثار سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024 موجة من عدم اليقين، خاصة بالنسبة للأقليات الدينية والعرقية في سوريا. تشمل هذه الأقليات العلويين، المسيحيين، الأكراد، الدروز، والإسماعيليين، الذين يواجهون الآن تحديات أمنية وإنسانية وسياسية.

وضع الأقليات في سوريا بعد سقوط الأسد

اقرأ ايضأ:-

السياق التاريخي 

تحت حكم الأسد، لعبت الأقليات دورًا معقدًا في الحفاظ على سلطة النظام. استفاد العلويون، الذين ينتمي إليهم آل الأسد، بشكل كبير من النظام، حيث شغلوا مناصب رئيسية في الجيش والأجهزة الأمنية.

استخدم النظام هذا الدعم لقمع المعارضة، مقدمًا نفسه كحامي للأقليات ضد "المتطرفين السنة"، وهي رواية عززت الانقسامات الطائفية (Georgetown Journal).

في المقابل، عانت أقليات أخرى مثل الأكراد من التمييز المنهجي، بما في ذلك حرمان أكثر من 300,000 منهم من الجنسية. 

 المسيحيون، رغم حمايتهم النسبية، كانوا عرضة للقمع إذا عارضوا النظام. استغل الأسد التوترات الطائفية لتعزيز سلطته، مما خلق انقسامات عميقة لا تزال تؤثر على سوريا اليوم (Middle East Institute).

الوضع الحالي

بعد سقوط الأسد، تصاعد العنف الطائفي، خاصة ضد العلويين. في مارس 2025، شهدت مناطق الساحل السوري، بما في ذلك اللاذقية وطرطوس وحماة، مذابح أودت بحياة أكثر من 1000 شخص، معظمهم مدنيون علويون.

وفقًا لتقارير، شاركت ميليشيات مرتبطة بالحكومة المؤقتة، بما في ذلك الجيش الوطني السوري وجماعات متطرفة، في هذه الهجمات التي استهدفت العلويين بناءً على هويتهم الطائفية (Wikipedia).

وصفت منظمة العفو الدولية هذه الأعمال بأنها جرائم حرب، مطالبة بمحاسبة الجناة (Amnesty International). 

 المسيحيون يواجهون مخاوف مماثلة، حيث تعرضت كنائس للنهب والتخريب، مما زاد من قلقهم من حكم إسلامي محتمل بقيادة هيئة تحرير الشام (HTS) (Lawfare).

الأكراد، الذين يسيطرون على مناطق في شمال شرق سوريا، يواجهون تهديدات من القوات المدعومة تركيًا، مع هجمات جوية دمرت البنية التحتية الحيوية (NY Times).

 كما أدى النزوح الجماعي، مع نزوح حوالي مليون شخص منذ نوفمبر 2024، إلى تفاقم الأزمة الإنسانية (Refugees International).

وجهات نظر الأقليات

تعكس وجهات نظر الأقليات مزيجًا من الأمل والخوف. يشعر العلويون بالهجر والاستهداف، حيث قال أحد سكان جبلة: "كعلوي، لا أرى مستقبلًا لي في سوريا" (Washington Post).

المسيحيون يترقبون بحذر وعود الحكومة المؤقتة بحماية حقوقهم، بينما يطالب الأكراد بالاعتراف بحقوقهم واستقلاليتهم. قال ناشط كردي في القامشلي: "لقد قاتلنا من أجل حقوقنا لعقود، والآن يجب ضمانها في النظام السياسي الجديد" (NY Times). 

التحديات التي تواجه الأقليات 

تواجه الأقليات تحديات أمنية وإنسانية وسياسية. الأمن هو القلق الأكبر، مع استمرار العنف الطائفي وتهديدات من جماعات متطرفة مثل داعش، التي زادت هجماتها في 2024. 

اقتصاديًا، يعاني ملايين السوريين من نقص الخدمات الأساسية، خاصة في المناطق الكردية التي تعاني من انقطاع المياه والكهرباء. سياسيًا، يخشى الأقليات من التهميش في ظل هيمنة الجماعات الإسلامية السنية على الحكومة المؤقتة (DW). 

الحلول والتوصيات المقترحة 

يتطلب معالجة محنة الأقليات نهجًا متعدد الأوجه. يجب على الحكومة المؤقتة الالتزام بالحكم الشامل، مع ضمان تمثيل جميع الأقليات. 

يمكن للعدالة الانتقالية، مثل لجان الحقيقة والمصالحة، معالجة المظالم السابقة وبناء الثقة. يجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، دعم هذه الجهود من خلال المساعدات الإنسانية والوساطة (Carnegie). 

 كما يجب توجيه المساعدات إلى المناطق الأكثر تضررًا، مع التركيز على إعادة الإعمار الشامل.

يشكل وضع الأقليات في سوريا بعد الأسد اختبارًا حاسمًا لمستقبل البلاد. قدرة الحكومة المؤقتة على حماية الأقليات ودمجها ستحدد ما إذا كانت سوريا ستتجه نحو الاستقرار أو تنزلق إلى الفوضى. 

يجب على المجتمع الدولي دعم الجهود التي تعزز الوحدة والعدالة، مع ضمان سماع أصوات الأقليات واحترام حقوقهم.