اقرأ ايضأ:-
منذ اللحظات الأولى لصعوده على المسرح، تجلت الكيمياء الفريدة بين ناصيف وجمهوره، حيث أشعلت أغنية "تكة" الحماس بإيقاعاتها المفعمة بالحيوية، تلتها "نامي ع صدري" التي عززت الأجواء العاطفية والحماسية. وفي كلماته للجمهور، أعرب ناصيف عن شوقه السنوي لمهرجان قرطاج، مؤكداً أن قلبه يكبر بلقاء محبيه الذين توافدوا أفواجاً، مكونين طوابير طويلة زيّنت مداخل المسرح قبل ساعات من بدء الحفل.
لحظات عاطفية وتكريم للفن
قبل أن يغوص في وصلاته الغنائية التي جمعت بين القديم والجديد، استذكر ناصيف الفنان الراحل زياد الرحباني، مهدياً لروحه أغنية "قديش كان في ناس"، التي تلقفها الجمهور بحماس بالغ، مرافقاً الكلمات من النغمة الأولى. تنوعت المدونة الغنائية بين الرهافة العاطفية في أغانٍ مثل "بالأحلام" و"حبيبي وبس"، والحيوية الركحية في "مجبور" و"قدا وقدود"، مما عكس قدرة ناصيف على التماهي مع فضاء قرطاج الذي بات يعرفه جيداً.
تفاعل عفوي وثقة متبادلة
بين الأغنية والأخرى، فتح ناصيف حواراً مع الجمهور، مخيراً إياهم بين الأغاني في مشهد عفوي عكس الثقة المتبادلة التي لم تخفت على مدار ثماني سنوات. لم يكن الجمهور مجرد متلقٍ، بل شريكاً فعلياً، يردد الأغاني من بدايتها إلى نهايتها، مشكلاً كورالاً جماعياً خلق طاقة فريدة تضاعفت معها الحماسة. وعلى حدود هذا التفاعل، تحول المسرح إلى فضاء حي يجمع الركح والمدرجات في حوار ثنائي مفتوح على الانسجام والنشوة، حتى قال ناصيف إن "من يشعر بالإحباط يكفيه أن يقيم حفلاً في قرطاج ليحلق بعيداً".
لحظات لافتة ومشاركة تونسية
من اللحظات المميزة في العرض، صعود الفنان التونسي مرتضى الفتيتي إلى الركح، حيث تقاسم مع ناصيف أداء أغنية "يا سيدي انسى"، وأدى مقطعاً من "يا للا جيتك بدخيل" وسط تفاعل الجمهور. وفي جوٍ من الدعابة، غنى ناصيف مقتطفات من "أصل الزين في العينين" باللهجة التونسية، مؤكداً قدرته على التأقلم مع الروح المحلية. لم يغادر مرتضى الركح قبل أداء أغنية "بابا" بناءً على طلب ناصيف، الذي كشف عن تعرفه على مرتضى من خلال هذه الأغنية، معلناً عن عمل مشترك قادم يجمعهما.
أداء يعكس التنوع والإحساس
تنقل ناصيف بين أغانيه القديمة والجديدة، حيث لم يشعر الجمهور بأي فجوة في التلقي، فقد رافقوه في كل تحولاته الغنائية. من "خسرت كل الناس" لجورج وسوف إلى "مش عم تزبط معي" و"هي اللي غمزتني" التي أغرت الجمهور بالرقص، أظهر ناصيف قدرة صوتية مميزة، تجمع بين اللين والقوة والعذوبة، موشحاً الكلمات بشحنة عاطفية عميقة. وكعادته، ختم الحفل بأغنية "هويتي" التي يحتفي فيها بسوريا، و"وين ع رام الله"، ليبلغ التفاعل ذروته.
مهرجان قرطاج: مساحة للقاء والإبداع
إطلالة ناصيف زيتون الخامسة في مهرجان قرطاج لم تكن مجرد عرض غنائي، بل اختبار لشرعيته الفنية وحضوره الجماهيري. بصوته المتعدد الألوان وقدرته على التحكم بالإحساس، أثبت ناصيف أن أغانيه ليست مجرد أعمال فنية، بل جسور تربطه بجمهوره، في علاقة خاصة تجمع الصوت والمغنى والمعنى.