الرؤية المصرية:- يبدأ المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم الأحد في القدس أول لقاء رسمي له مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ توليه المنصب في مايو الماضي، في زيارة قصيرة لا تتجاوز 24 ساعة تهدف إلى إصلاح الصدع في العلاقات الثنائية المتوترة بسبب الحرب في غزة، مع التركيز على استقرار وقف إطلاق النار الحالي ومعالجة تصاعد معاداة السامية في ألمانيا.
وصل ميرتس إلى مطار بن غوريون في تل أبيب مساء السبت، بعد توقف قصير في الأردن حيث التقى الملك عبد الله الثاني في العقبة لمناقشة الحلول الدبلوماسية المشتركة، وفق بيان حكومي ألماني أوردته رويترز.
وفي أولى خطواته، التقى مساء السبت الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ، حيث أكد التزامه بالحل الدولي ذي الدولتين، رغم رفض نتنياهو وفريقه لهذا الخيار، كما نقلت الجزيرة.
تأتي الزيارة متأخرة نسبياً مقارنة بأسلاف ميرتس؛ إذ زار المستشار السابق أولاف شولتس إسرائيل بعد ثلاثة أشهر فقط من تنصيبه، بينما استغرقت أنجيلا ميركل شهرين، ويعزى التأخير البالغ سبعة أشهر إلى التصعيد العسكري في غزة الذي أدى إلى حظر ألماني مؤقت على بعض صادرات الأسلحة إلى إسرائيل في أغسطس الماضي، مما أثار غضب نتنياهو قبل رفعه قبل أسبوعين، حسب تقرير تايمز أوف إسرائيل.
من المتوقع أن يتصدر عملية السلام في غزة جدول أعمال اللقاء، الذي يبدأ الساعة 11 صباحاً بتوقيت القدس، تليه مؤتمر صحفي مشترك، حيث يسعى ميرتس إلى تعزيز التعاون في إطار وقف إطلاق النار الذي يسري منذ 10 أكتوبر، مع الضغط على توفير مساعدات إنسانية واسعة النطاق، كما أفاد موقع هآرتس. وفي سياق ذلك، أجرى ميرتس اتصالاً هاتفياً "شاملاً" مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل الإقلاع، مشدداً على دعم ألمانيا للحل السلمي، وفق دويتشه فيله.
تشمل الزيارة أيضاً زيارة صباحية لنصب ياد فاشيم التذكاري للهولوكوست، تعبيراً عن الالتزام التاريخي الألماني، إلى جانب لقاءات مع رهائن محررين من غزة أعادتهم حماس في صفقة التبادل، وأقارب ضحايا هجوم 7 أكتوبر 2023، مما يعكس التركيز على الجانب الإنساني للأزمة، كما حددتها الحكومة الألمانية في بيانها الرسمي.
ومن الجدير بالذكر أن اللقاء يثير جدلاً دولياً، إذ يُعد ميرتس أول زعيم أوروبي كبير يزور إسرائيل منذ صدور مذكرة توقيف دولية ضد نتنياهو من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب في غزة، بما في ذلك التجويع المتعمد للسكان المدنيين، وفق تحذير هيومن رايتس ووتش الذي يرى في الزيارة "مخاطرة بمصداقية ألمانيا تجاه العدالة الدولية".
كما أثار السفير الإسرائيلي في برلين رون بروسور تحذيرات من تنامي معاداة السامية في أوساط اليسار الألماني، مما من المتوقع أن يُناقش لتعزيز التعاون الأمني.
رغم الروابط التاريخية القوية، التي تجعل ألمانيا ثاني أكبر مصدر أسلحة لإسرائيل، فإن الزيارة تأتي في ظل انتقادات ألمانية متزايدة لاستراتيجية نتنياهو في الحرب، التي أدت إلى مقتل عشرات الآلاف في غزة، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
ومع تزايد الضغوط الداخلية والدولية، يسعى ميرتس إلى توازن بين دعم إسرائيل وتعزيز دور برلين في السلام الإقليمي، خاصة بعد تعهداته بإعادة النظر في تصدير الأسلحة مشروطاً بالالتزام بوقف النار.
هل ينجح هذا اللقاء في إعادة صياغة الشراكة الألمانية-الإسرائيلية، أم سيبقى ظلال غزة يلقي بثقله على الدبلوماسية الأوروبية في الشرق الأوسط؟