الرؤية المصرية:- انطلقت اليوم السبت في جوهانسبرغ قمة مجموعة العشرين لأول مرة على الأراضي الأفريقية، وسط غياب بارز للرؤساء الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ، مما يلقي بظلاله على نقاشات حادة متوقعة حول الخطة الأمريكية للسلام في أوكرانيا وجهود تخفيف الديون عن الدول النامية.
وفي خطوة أثارت جدلاً دوليًا، أعلن الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوسا، مضيف القمة، أن "غيابهم خسارتهم"، محافظًا على جدول أعمال يركز على التضامن العالمي والاستدامة، بينما يحضر ممثلون عن 18 دولة أخرى من أكبر الاقتصادات العالمية.
هذا الغياب الجماعي، الذي يُعد الأكبر في تاريخ الـG20، يأتي في سياق توترات دبلوماسية متصاعدة، حيث اتهمت إدارة ترامب حكومة رامافوسا بـ"قمع المزارعين البيض"، وهو اتهام نفته بريتوريا جملة وتفصيلاً، مما دفع واشنطن إلى مقاطعة كاملة للمحادثات رغم ضغوط أوروبية لإصدار بيان مشترك.
يسيطر على أجندة القمة، التي تمتد ليومين (22-23 نوفمبر)، التركيز على قضايا أفريقيا والدول النامية، مع مناقشات حول تخفيف عبء الديون الذي يُقدر بنحو 9 تريليون دولار عالميًا، وفقًا لتقرير البنك الدولي، بالإضافة إلى التحول العادل نحو الطاقة النظيفة واستخدام المعادن النادرة بشكل عادل لدعم التنمية المستدامة.
وفي خطاب افتتاحي، أكد رامافوسا أن القمة ستعالج "الأمن الغذائي والتغير المناخي كأولويات إنسانية"، مشيرًا إلى أن أفريقيا، التي تساهم بأقل من 4% من الانبعاثات العالمية، تتحمل أكبر الأعباء من الكوارث المناخية.
أما النقاش الأكثر حدة، فيتعلق بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، التي تُرى في بروكسل كـ"مائلة نحو موسكو"، حيث أعدت أوروبا خطة مضادة تركز على ضمانات أمنية لكييف دون تنازلات إقليمية، وفقًا لتقارير "الغارديان". ومع غياب بوتين، الذي يواجه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بسبب اتهامات بخطف أطفال أوكرانيين، وشي الذي قلص رحلاته الخارجية، يُتوقع أن يقود ممثل الصين رئيس الوزراء لي تشيانغ الوفد البكيني في دعم المبادرات الأفريقية.
من بين الغائبين الآخرين، رئيسا الأرجنتين خافيير ميلي، الذي انضم إلى مقاطعة ترامب إرسالًا وزير خارجيته، والمكسيكية كلوديا شينباوم، مما يعكس انقسامات جيوسياسية أوسع بين الدول النامية والمتقدمة.
وفي تصريح أمس، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أعضاء الـG20 إلى "استخدام نفوذهم لإنهاء الصراعات العالمية"، محذرًا من أن "الغيابات لا تعفي من المسؤولية".
على الهواء من جوهانسبرغ، وصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي وصل أمس، القمة بأنها "فرصة لإعادة توازن العالم نحو الجنوب"، معلنًا صفقة تعاون مع جنوب أفريقيا في قطاع السكك الحديدية بقيمة مئات الملايين من الجنيهات.
ومع ذلك، أثار التوتر الأمريكي-الجنوب أفريقي مخاوف من فشل إصدار بيان نهائي، حيث حاولت واشنطن الضغط لمنعه، لكن رامافوسا أكد: "لن نُهدد".
رغم التحديات، يُشير خبراء إلى أن هذه القمة تمثل "لحظة أفريقية" حقيقية، حيث تسعى بريتوريا لتعزيز صوت القارة في قضايا الديون والطاقة، مع مشاركة أكثر من 42 دولة ومنظمة دولية.
وفي الشوارع، أعرب سكان جوهانسبرغ عن استيائهم من "التنظيف السطحي للمدينة" رغم مشكلات الكهرباء والمياه المزمنة، فيما نظمت مجموعات مدنية "قمة مضادة" لانتقاد "النظام الاقتصادي العالمي المُحابي للنخب".
هل ستنجح جوهانسبرغ في إنتاج إرث دائم رغم الغيابات، أم ستكون مجرد فصل آخر في سجل التوترات الدولية؟ في عالم يتغير بسرعة، قد تكون هذه القمة البداية لصوت أفريقي أقوى على الساحة العالمية.