الرؤية المصرية:- أقالت الحكومة الأوكرانية وزير العدل غيرمان غالوشينكو، السابق في منصب وزير الطاقة، صباح الأربعاء في اجتماع طارئ، وسط تحقيق واسع النطاق لمكتب مكافحة الفساد الوطني (NABU) والهيئة المتخصصة في الادعاءات الفسادية (SAPO) حول صفقات مشبوهة في قطاع الطاقة النووية، مما أثار تساؤلات حول استقلالية الهيئات المضادة للفساد وتأثير ذلك على دعم كييف الغربي.
جاء القرار بعد يومين من إطلاق عملية "ميداس" الكبرى يوم 10 نوفمبر، التي شملت أكثر من 70 مداهمة في مكاتب شركة "إنرغوآتوم" النووية الحكومية ومنازل مسؤولين، بما في ذلك منزل غالوشينكو نفسه، حيث صادرت السلطات حقائب مليئة بعملات أجنبية تقدر قيمتها بملايين الدولارات، وفق تصريحات SAPO.
وأفادت الوكالات الأوكرانية بأن التحقيق يكشف عن مخطط فساد يتجاوز 100 مليون دولار، يتضمن رشاوى وغسيل أموال للسيطرة على تدفقات الطاقة، مع تورط رجل الأعمال تيمور مينديتش، الشريك السابق في شركة "كفارتال 95" التابعة للرئيس فولوديمير زيلينسكي، الذي غادر البلاد إلى إسرائيل والنمسا قبل المداهمات.
أعلنت رئيسة الوزراء يوليا سفيريدنكو في بيان رسمي عبر تليغرام أن مجلس الوزراء قرر تعليق غالوشينكو عن عمله فوراً، وتكليف نائبته لشؤون التكامل الأوروبي ليودميلا سوغاك بمهامه مؤقتاً، مشددة على أن "الفساد يهدد أمن الطاقة الوطني في وقت حرج".
وفي خطوة موازية، قدم النائب ياروسلاف جيليزنياك مشروعي قرار إلى البرلمان الأوكراني (الرادا) لإقالة غالوشينكو رسمياً، متهماً إياه بـ"فساد منهجي، إخفاق في حماية القطاع الطاقوي، وروابط مع الخائن أندريي ديركاتش"، الذي أصبح سناتوراً روسياً، إلى جانب طلب إقالة وزيرة الطاقة الحالية سفيتلانا هرينتشوك بسبب صلاتها بمينديتش.
يمتلك NABU نحو ألف ساعة من التسجيلات الصوتية توثق محادثات بين مينديتش ومسؤولين سابقين في الطاقة، بما في ذلك غالوشينكو، تكشف عن صفقات رشوة للحصول على عقود نووية، كما نشرت الهيئة مقاطع أولية تثبت زيارة غالوشينكو لمكتب الرئاسة قبل إحدى الاتفاقيات المشبوهة.
وفي تعليقه الأول، أكد غالوشينكو براءته، معتبراً الإقالة "قراراً سياسياً يخفي دوافع أخرى"، ووعد بالدفاع القانوني لكشف "التفاصيل القانونية المطلوبة"، مما يعكس توتراً داخلياً يهدد معنويات الحكومة أثناء الحرب.
أثار التحقيق انتقادات أوروبية حادة لمحاولات زيلينسكي إخضاع هيئات مكافحة الفساد، حيث حذرت الاتحاد الأوروبي من أن مثل هذه الفضائح قد تعيق مسار الانضمام، خاصة مع اعتماد أوكرانيا على دعم بروكسل لإعادة بناء الطاقة المدمرة جزئياً بسبب الهجمات الروسية.
وفي اجتماع طارئ لمجلس إدارة "إنرغوآتوم"، أنهى الحكومة صلاحياته مؤقتاً، مؤكداً أن "تنظيف الشركة من الفساد أولوية قصوى"، كما أعلن زيلينسكي سابقاً.
مع تصاعد التحقيقات، يبقى السؤال: هل يمثل "ميداس" نقطة تحول في مكافحة الفساد الأوكراني، أم مجرد صراع سياسي يضعف الجبهة الداخلية أمام الضغوط الخارجية؟ الإجابة قد تحدد مصير الدعم الغربي في الأشهر المقبلة.