وفي تصريح لوكالة "نوفوستي"، أكدت مهاجراني أن الزيارة "قيد الدراسة"، فيما تجري الاستعدادات لتكون محطة جديدة في مسيرة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. تأتي هذه الزيارة تتويجًا لمعاهدة الشراكة الشاملة التي وقّعها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والرئيس بوتين في يناير 2025، لتكتب فصلًا جديدًا في العلاقات الثنائية.
من التاريخ إلى الحاضر: جذور التقارب
لم تكن العلاقات الإيرانية-الروسية يومًا على هذا المستوى من التناغم كما هي اليوم، كما أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عقب محادثاته في موسكو أبريل 2024.
بدأت هذه الشراكة تتبلور بشكل قانوني مع اتفاقية عام 2001 حول أسس العلاقات ومبادئ التعاون، التي شكلت إطارًا أوليًا للتعاون الثنائي. ومع ذلك، كانت التحديات الجيوسياسية، من العقوبات الغربية إلى التوترات الإقليمية، دافعًا لتطوير إطار أكثر شمولية.
منذ عام 2022، بدأ البلدان العمل على معاهدة جديدة، وفي يونيو 2024، تم الاتفاق على نصها النهائي، لتُوقَّع رسميًا في يناير 2025 خلال زيارة بزشكيان إلى موسكو.
هذه المعاهدة، التي صادق عليها بوتين في أبريل 2025، ليست مجرد وثيقة دبلوماسية، بل إطار قانوني طويل الأمد يهدف إلى تعميق التعاون في مجالات الأمن، الدفاع، الاقتصاد، والتنسيق الإقليمي والدولي.
وتعكس الزيارة المرتقبة لبوتين إلى طهران التزامًا مشتركًا بتفعيل هذه الشراكة في مواجهة التحديات العالمية.
زيارة بوتين والاتفاقية: أبعاد استراتيجية
تكتسب زيارة بوتين المرتقبة أهمية خاصة في ظل السياق الجيوسياسي الراهن. ففي ظل الضغوط الغربية على كلا البلدين، تسعى إيران وروسيا إلى تعزيز تحالفهما كقوة موازنة. تشمل المعاهدة بنودًا حيوية، مثل تعزيز التعاون العسكري والأمني، وتطوير المشاريع الاقتصادية المشتركة، والتنسيق في المنظمات الدولية. كما تؤكد الوثيقة على ضرورة التصدي للتحديات المشتركة، مثل العقوبات الاقتصادية والتهديدات الأمنية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
من جهة أخرى، تعكس الزيارة استمرار الحوار الرفيع المستوى بين البلدين. فقد سبق أن التقى بوتين بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في موسكو، كما أجرى الأخير محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، مما يعكس حرص الطرفين على تعزيز التنسيق السياسي.
وتأتي هذه الزيارة لتؤكد أن العلاقات الإيرانية-الروسية ليست مجرد تعاون ظرفي، بل شراكة استراتيجية طويلة الأمد.
شراكة في مواجهة العواصف
في عالم تتقاطع فيه المصالح وتتصارع القوى، تبرز الشراكة الإيرانية-الروسية كنموذج للتضامن في مواجهة التحديات. زيارة الرئيس بوتين المرتقبة إلى طهران، ومعاهدة الشراكة الاستراتيجية، ليستا سوى خطوات في درب طويل من التقارب.
من خلال تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي والدبلوماسي، تكتب إيران وروسيا مستقبلًا مشتركًا يعكس طموحاتهما في بناء عالم متعدد الأقطاب. في درب التقارب، تُسطر هذه الشراكة حكاية إرثٍ يكتب المستقبل بالسجع.