الرؤية المصرية:- في مشهد يعكس عمق الغضب الشعبي والانتصار على الخيانة، انتشرت فيديوهات وصور في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم الخميس، تظهر شبابًا فلسطينيين في شوارع رفح جنوبي قطاع غزة يوزعون الحلويات على المارة، مرددين تكبيرات الله أكبر احتفالًا بمقتل ياسر أبو شباب، زعيم المليشيا المسلحة المدعومة من الاحتلال الإسرائيلي، الذي وُصف في لافتاتهم بـ"الخنزير أبو شباشب" كرمز للازدراء.
أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي صباح اليوم مقتل أبو شباب شرق رفح، بعد اشتباكات عنيفة أدت إلى نقله مصابًا إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع حيث فارق الحياة، في تطور يُعتبر "ضربة قاسية" لاستراتيجية تل أبيب في إنشاء مليشيات محلية معادية لحركة حماس.
وتضاربت الروايات حول الجهة المسؤولة: إسرائيل تتحدث عن "خلافات داخلية" أو "صراع عشائري"، بينما أشارت مصادر إعلامية إسرائيلية مثل قناة "إسرائيل 24" إلى "كمين نفذته حماس"، فيما حافظت فصائل المقاومة على صمتها الاستراتيجي دون تبني العملية حتى الآن.
ولد ياسر أبو شباب عام 1990 في رفح، وينتمي إلى قبيلة الترابين البدوية، التي أعلنت براءتها الكاملة منه في بيان رسمي اليوم، واصفة مقتله بـ"نهاية صفحة سوداء" لا تعبر عن تاريخ القبيلة أو مواقفها الوطنية الثابتة مع الشعب الفلسطيني.
كان أبو شباب معتقلاً قبل 7 أكتوبر 2023 بتهم جنائية تشمل الاتجار بالمخدرات والسرقة، قبل أن يُطلق سراحه عقب قصف إسرائيلي لمقرات الأجهزة الأمنية في غزة، ليبرز لاحقًا كقائد لـ"القوات الشعبية"، وهي ميليشيا شُكلت تحت غطاء "تأمين المساعدات الإنسانية"، لكنها اتهمت بسرقة شاحنات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والتعاون مع الاحتلال في قمع السكان المحليين.
برز اسم أبو شباب في مايو 2025، بعد عملية لكتائب عز الدين القسام استهدفت قوة "مستعربين" إسرائيليين شرق رفح، كشفت عن وجود عملاء مجندين يتبعون مباشرة لميليشيته، مما أثار حملة أمنية فلسطينية لملاحقة المتعاونين.
وفي يوليو الماضي، اعترف أبو شباب علنًا بتعاونه مع الجيش الإسرائيلي "لحماية الجنود" في مناطق التماس، وفق تسريبات نشرتها صحيفة "إسرائيل هيوم"، وهو ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاحقًا كجزء من سياسة "البديل عن حماس".
أثار مقتل أبو شباب موجة من التعليقات في الأوساط الإسرائيلية، حيث اعتبر المحللون في قناة 12 أنه "نتيجة مباشرة للسياسة القصيرة المدى" لإسرائيل، مشيرين إلى فشل محاولات خلق فصائل معارضة داخل غزة.
وفي بيان لعشيرة الترابين، دُعي أبناء القبائل إلى "التمسك بوحدة الصف ورفض كل من يعبث بالنسيج الوطني"، محذرين من محاولات استغلال أسماء القبائل لصالح المحتل. كما أعربت عائلته عن براءتها منه في مايو الماضي، بعد تأكيد تورطه في "أنشطة أمنية خطرة".
مع انتشار الفيديوهات التي تُظهر فرحة السكان بتوزيع الحلوى، يبدو مقتل أبو شباب علامة على تعزيز التماسك الشعبي في غزة أمام محاولات التفرقة، وسط تحديات الاحتلال المستمرة في السيطرة على الجنوب.
هل يُشير هذا الحدث إلى بداية تفكك ميليشيات الاحتلال، أم مجرد حلقة في سلسلة التصفيات الداخلية؟ الإجابة تكمن في الخطوات القادمة للمقاومة والشعب الفلسطيني.