رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا: تحوّل استراتيجي في الشرق الأوسط وفرص جديدة لإعادة الإعمار

الرؤية المصرية:- أحدث قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات المفروضة على سوريا تحوّلاً جذرياً في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه دمشق، منهياً أكثر من عقد من العزلة الاقتصادية والسياسية التي فرضتها واشنطن على النظام السوري.

رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا: تحوّل استراتيجي في الشرق الأوسط وفرص جديدة لإعادة الإعمار

وجاء الإعلان عن القرار خلال منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي في الرياض، بحضور الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، بعد مشاورات مكثفة مع قادة إقليميين أبرزهم الرئيس التركي رجب أردوغان وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

# خلفيات القرار ودوافعه

لم يكن رفع العقوبات مفاجئاً في سياق التطورات الأخيرة، إذ أُطيح بحكومة بشار الأسد في ديسمبر 2024، ما أفسح المجال أمام حكومة انتقالية جديدة برئاسة أحمد الشرع.

وسبق القرار الأمريكي سلسلة من المحادثات الدبلوماسية بين واشنطن ودمشق، تركزت على شروط أمريكية تتعلق بالحكم الرشيد، احترام حقوق الأقليات، التعاون في مكافحة الإرهاب، والابتعاد عن المحور الإيراني.

 ورغم أن رفع العقوبات جاء أسرع مما كان متوقعاً، إلا أن ضغوطاً إقليمية قوية، خاصة من السعودية وتركيا، أسهمت في تسريع اتخاذ القرار بهدف إنهاء عزلة سوريا ودعم استقرارها الاقتصادي والأمني.

### الأبعاد الاقتصادية والسياسية

من المتوقع أن يفتح رفع العقوبات الباب أمام إعادة دمج سوريا في المنظومة الدولية، ويعيد تدفق الاستثمارات الأجنبية والعربية، خاصة في مجالات إعادة الإعمار والطاقة والنقل.

 ويؤكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري نضال الشعار أن الأثر الإيجابي لرفع العقوبات سيكون تدريجياً، إذ يحتاج الاقتصاد السوري إلى إعادة بناء الثقة وتنفيذ إصلاحات اقتصادية حقي55قية لتعزيز الشفافية وجذب الاستثمارات[.

كما أن عودة التعاملات المصرفية وحركة التجارة ستسهم في تحسين الأوضاع المعيشية وخلق فرص عمل، لكن النتائج الملموسة ستتطلب وقتاً وتخطيطاً دقيقاً.

### التحديات والرهانات الإقليمية

لم يحظ القرار بتأييد جميع حلفاء واشنطن، إذ أبدت إسرائيل معارضة واضحة، محذرة من أن رفع العقوبات قد يعزز قوة دمشق أو يفتح الباب أمام سيناريوهات غير مرغوبة في المنطقة.

في المقابل، رأت الإدارة الأمريكية أن سوريا مستقرة وموحدة أفضل لمصالحها ولمحاربة الإرهاب، مع ضمان عدم تهديدها لإسرائيل أو جيرانها. 

كما يُتوقع أن يؤدي رفع العقوبات إلى تعزيز التعاون الأمني بين سوريا وتركيا، وتسريع جهود إعادة بناء الجيش السوري ومؤسسات الدولة، بالتوازي مع احتمال انسحاب أمريكي تدريجي من شمال شرق سوريا، والاكتفاء بدور لوجستي واستخباراتي محدود.

### آفاق المرحلة الجديدة

يمثل رفع العقوبات بداية مسار سياسي جديد لسوريا، يبتعد عن المحور الإيراني وينفتح على علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج، مع الحفاظ على قنوات تواصل مع روسيا ضمن معادلة دولية جديدة.

غير أن استمرار الدعم الأمريكي مشروط بالتزام الحكومة السورية الجديدة بمعايير الحكم الرشيد وحماية الأقليات، وعدم الانجرار إلى انتهاكات حقوق الإنسان أو سياسات انتقامية. 

يضع قرار ترامب سوريا أمام فرصة تاريخية للانطلاق نحو التعافي الاقتصادي والسياسي، لكن نجاح هذه المرحلة سيعتمد على قدرة الحكومة الجديدة في دمشق على تنفيذ إصلاحات حقيقية، وبناء شراكات إقليمية ودولية تضمن استقرارها واستقلال قرارها الوطني.