الرؤية المصرية- متابعة: عوض سلام :- انطلق الجمعة 31أكتوبر2025، بتونس العاصمة، المؤتمر الوطني الثالث لعلم الأدوية، الذي تنظمه الجمعية التونسية لعلم الأدوية تحت رعاية وزارة الصحة، ليجمع نخبة من المتخصصين التونسيين والإقليميين في نقاش حاسم حول "أنظمة التكفل واسترجاع مصاريف الأدوية"، وسط تحديات ارتفاع التكاليف التي تهدد استدامة المنظومة الصحية وعدالة النفاذ إلى العلاجات الحديثة.
اقرأ ايضأ:-
افتتح الدكتور رياض دغفوس، رئيس الجمعية ورئيس المركز الوطني لليقظة الدوائية، الفعاليات بتأكيد أن تونس تنتج 70% من احتياجاتها الدوائية، لكنه شدد على ضرورة التقدم نحو "السيادة الدوائية الكاملة" عبر إنشاء مصانع بيوتكنولوجيا بالشراكة مع دول مثل كوريا الجنوبية، مشدداً على دور الأطباء الفارماكولوجيين والصيادلة في ترشيد الاستخدام لتجنب الهدر المالي.
"نحن نضع تجاربنا ومعلوماتنا تحت تصرف الدولة والصندوق الوطني للتأمين على المرض (CNAM) والصيدلية المركزية، لضمان تغطية شاملة في ظل التطور السريع للأدوية الجديدة غالية التكلفة"، قال دغفوس في تصريح حصري، موضحاً أن المؤتمر يركز على ثلاثة محاور رئيسية: استعراض التقدم التونسي والقوانين الحالية، تبادل التجارب مع المغرب والجزائر ودول عالمية، ومواجهة التحديات العالمية من خلال استغلال الإمكانيات المحدودة لتوفير الأدوية لكل مواطن.
شهد اليوم الأول جلسات مكثفة أدارها الدكتور خالد زغل والدكتورة سهام العايدي، حيث قدم الدكتور رضا كشريد تاريخ الإطار القانوني للتكفل الدوائي، بينما ناقش الدكتور أنيس قلوز دور المتخصصين في حوكمة الاستخدام، محذراً من هدر الموارد في علاجات السرطان غير الفعالة بسبب عدم التطابق الجيني، وداعياً إلى تحاليل بسيطة لتجنب الإنفاق غير المنتج. كما ساهم ممثلو CNAM في مناقشة التحديات العملية لاسترجاع المصاريف.
في الجلسة الثانية، أدارت الدكتورة إيناس حرز الله والدكتورة سامح الطرابلسي والدكتورة أنياس حمزاوي ندوة حول آليات الموافقة على الأدوية (AMM) وتسعيرها، مع عروض من خبراء جزائريين ومغاربة تسلط الضوء على الأطر التنظيمية الإقليمية، مما فتح آفاقاً لتبادل الخبرات واستلهام ممارسات دولية لتكييفها مع السياق التونسي.
على هامش الفعاليات، أعلن وزير الصحة مصطفى الفرجاني عن أولوية إعداد قانون جديد لتنظيم قطاع المكملات الغذائية قبل نهاية 2025، لمواجهة الفوضى والمنتجات الضارة، بالتنسيق مع الوكالة التونسية للدواء والنقابات، إلى جانب إنشاء هيئة وطنية تضمن عدالة النفاذ إلى الأدوية لجميع المرضى وتخرج مرشدات علاجية موحدة.
"تونس من أوائل الدول العربية والإفريقية في تصنيع الأدوية، ونطمح إلى السيادة الدوائية عبر تطوير الصناعات، خاصة البيوتكنولوجيا، مع الكفاءات المتوفرة والشراكات الدولية"، أضاف الفرجاني، مشدداً على أهمية التعاون بين الأطباء والصيادلة والبيولوجيين لتحقيق توازن بين الرعاية والموارد المالية.
يستمر المؤتمر بمزيد من الندوات، متوقعاً إصدار توصيات عملية تعزز السياسات الدوائية، في وقت تواجه فيه تونس ضغوطاً مالية تجعل ترشيد الإنفاق أمراً حتمياً للحفاظ على حق المواطن في علاج مستدام. هل ينجح هذا اللقاء في تحويل التحديات إلى فرص لسيادة صحية إقليمية، أم تبقى التكاليف العالمية عائقاً أمام الطموحات التونسية؟