الرؤية المصرية:- في تطور قضائي يعيد إحياء ملف اختفاء الإمام موسى الصدر بعد عقود من الغموض، وقف هنيبعل القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، اليوم الجمعة أمام المحقق العدلي اللبناني زاهر حمادة في قصر عدل بيروت لأول استجواب حقيقي منذ توقيفه قبل عشر سنوات، وسط مطالبات دفاعه بالإفراج الفوري وتحذيرات ليبية من تدهور صحته، مما يثير تساؤلات حول مصير هذه القضية المتشابكة بين السياسة والعدالة في ظل التوترات الإقليمية.
وصل هنيبعل، البالغ من العمر 47 عاماً والمتزوج من لبنانية، إلى قصر العدل قبل الظهر، مصحوباً بأمن مشدد، ليواجه استجواباً يتوقع أن يركز على معرفته بمصير الإمام الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين، الذين اختفوا في ليبيا عام 1978 أثناء زيارة رسمية.
اقرأ ايضأ:-
وأكد مراسل "الجديد" اللبنانية أن الجلسة بدأت في جو متوتر، بحضور وكلاء دفاع عائلة الصدر الذين يصرون على أن هنيبعل جزء من "المنظومة القذافية" التي أخفت الضحايا، مطالبين بكشف الحقيقة قبل أي إفراج.
ولم يُكشف بعد عن تفاصيل أقواله، لكن مصادر قضائية أشارت إلى أن القاضي حمادة سيفحص طلب إخلاء سبيل مقدم في يونيو 2025، مع النظر في ضمانات أمنية دولية لضمان عدم فراره.
يعود توقيف هنيبعل إلى ديسمبر 2015، بعد عملية خطف مثيرة للجدل في البقاع اللبناني، حيث استُدرج من سوريا بحجة متابعة قضية شقيقه سيف الإسلام أمام المحكمة الجنائية الدولية، ليُسلم لاحقاً إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية مقابل معلومات عن الصدر.
ومنذ ذلك الحين، قضى نحو 10 سنوات في احتجاز يصف دفاعه بـ"التعسفي"، محاولاً اللجوء إلى مجلس القضاء الأعلى اللبناني بكتاب يتهم فيه السلطات بانتهاك المواثيق الدولية، مطالبين بمحاكمة عادلة أو إطلاق سراح فوري، وإحالة القضية إلى فريق الأمم المتحدة للاحتجاز التعسفي.
وفي يناير 2024، دعت "هيومن رايتس ووتش" إلى إطلاق سراحه، معتبرة التهم "زائفة"، بينما أعاقت حركة أمل وحزب الله الجهود الدبلوماسية من روسيا وفرنسا للإفراج.
من جانبها، واصلت السلطات الليبية ضغوطها لاسترداد هنيبعل، ليس للإفراج بل لمحاكمته على جرائم منسوبة إليه خلال عصر والده، مثل قتل الشرطي المصري في سويسرا عام 2008 وإساءة معاملة الخدم.
وأصدرت وزارة العدل الليبية بياناً أمس يحمّل لبنان مسؤولية تدهور صحته، مشيرة إلى تجاهل مذكرات دبلوماسية متكررة، آخرها في أبريل 2025، مع عرض تسوية "حقيقة مقابل حرية" بضمانات دولية. وأكد محاموه أن صحته جيدة نسبياً وظروف احتجازه مقبولة، لكنه يطمح في مغادرة لبنان إلى دولة عربية أو أوروبية إذا أُفرج عنه.
تكتسب هذه الجلسة أهمية إضافية في سياق الجمود القضائي اللبناني، حيث يُرى فيها اختباراً لاستقلالية القضاء وسط ضغوط سياسية، مع مخاوف من أن يؤدي التجاذب إلى إطالة أمد الاحتجاز دون حل.
هل ستكشف شهادة هنيبعل عن أسرار ملف الصدر الدامي، أم تبقى القضية رهينة للحسابات السياسية التي طالما أعاقت العدالة في المنطقة؟