القوقاز: هل تهدد التحركات الأمريكية حصن إيران الأمني؟

الرؤية المصرية:-في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، جدد مستشار المرشد الأعلى الإيراني، علي أكبر ولايتي، تأكيده على الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القوقاز، واصفاً إياها بـ"الحصن الأمني" لإيران.

القوقاز: هل تهدد التحركات الأمريكية حصن إيران الأمني؟

اقرأ ايضأ:-

يأتي هذا التصريح وسط مخاوف طهران من تعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة بعد توقيع اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان، مما يثير تساؤلات حول تأثيرات هذه التطورات على استقرار الشرق الأوسط، وبالتالي على الأمن القومي المصري.

استشهد ولايتي، في منشور على موقع "X"، بالقرآن الكريم، مشيراً إلى ذي القرنين، الذي يعتبره مفسرون كالعلامة الطباطبائي هو كورش الكبير. وأوضح أن القوقاز كانت، منذ عهد كورش، خط دفاع أولي لإيران، حيث بنى سداً لصد هجمات القبائل البربرية، وفقاً للمؤرخ هيرودوت.

هذا التصريح ليس مجرد استذكار تاريخي، بل رسالة سياسية تعكس قلق إيران من التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، خاصة مع خطط أرمينيا لمنح الولايات المتحدة حقوق إدارة ممر استراتيجي لمدة 99 عاماً ضمن اتفاق السلام الموقع في واشنطن.

أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، عن رفض بلاده لوجود قوات أجنبية في جنوب القوقاز، مؤكداً أن طهران تلقت ضمانات بعدم نشر مثل هذه القوات. 

لكن هذه الضمانات لا تبدو كافية لتبديد مخاوف إيران، التي ترى في الوجود الأمريكي تهديداً مباشراً لنفوذها، خاصة مع العلاقات الوثيقة بين أذربيجان وتركيا، التي تشكل قوة إقليمية منافسة. ويضيف التقارب التركي-الأذربيجاني، المعزز بشعار "شعب واحد، دولتان"، تعقيداً إضافياً للمشهد. 

تاريخياً، كانت القوقاز ساحة صراع بين قوى إقليمية ودولية، حيث تتقاطع مصالح إيران وروسيا وتركيا والولايات المتحدة.

وتخشى طهران أن يؤدي الوجود الأمريكي إلى تقويض نفوذها في هذا الحصن الاستراتيجي، مما قد يعرض حدودها الشمالية للخطر. ومع وجود روسيا كلاعب رئيسي في المنطقة، فإن أي تغيير في توازن القوى قد يشعل مواجهات غير مباشرة بين هذه القوى. 

من منظور مصري، فإن أي اضطرابات في القوقاز قد تنعكس على استقرار الشرق الأوسط، خاصة مع ارتباط المنطقة بدول الجوار مثل الأردن وسوريا، التي تمثلان أولوية في السياسة المصرية. 

وتشكل تدفقات اللاجئين المحتملة أو تنشيط الجماعات المتطرفة تهديداً غير مباشر للأمن القومي المصري، لا سيما مع جهود القاهرة لدعم استقرار سوريا كجزء من استراتيجيتها الإقليمية. كما أن أي تصعيد قد يؤثر على الممرات التجارية والأمنية في المنطقة، مما يتطلب من مصر مراقبة دقيقة لهذه التطورات. 

مع استمرار التوترات في القوقاز، يبقى السؤال: هل ستتمكن إيران من الحفاظ على موقعها كلاعب رئيسي في المنطقة، أم أن التحركات الأمريكية ستعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي؟ تبقى المنطقة على مفترق طرق، حيث يمكن أن تحدد التطورات القادمة مسار الاستقرار الإقليمي لسنوات قادمة.