لبنان: جلسة حكومية حاسمة لبحث مصير سلاح "حزب الله"

الرؤية المصرية- بيروت– تتجه الأنظار إلى القصر الحكومي في بيروت مع اقتراب جلسة مجلس الوزراء المرتقبة، والتي تُعدّ واحدة من أكثر الجلسات أهمية في السياق السياسي اللبناني الحالي، حيث يتصدر جدول أعمالها بند "حصر السلاح بيد الدولة"، وهو ملف شائك أثار انقسامات سياسية عميقة على مدى سنوات.

اقرأ ايضأ:-

تأتي الجلسة وسط ضغوط دولية متصاعدة، خاصة من الولايات المتحدة، التي طالبت بقرار واضح من الحكومة اللبنانية لنزع سلاح "حزب الله" كشرط لاستئناف المفاوضات بشأن وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان. ويُضفي هذا الضغط طابعًا طارئًا على الجلسة، التي قد تحدد مسار الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد.

جهود دبلوماسية مكثفة

على مدار الأيام الماضية، كثّفت الرئاسات الثلاث – رئيس الجمهورية جوزيف عون، رئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري – اتصالاتها لتهيئة الأجواء للجلسة. وشملت هذه الاتصالات قنوات تواصل مباشرة مع "حزب الله" للتوصل إلى صيغة توافقية. وبحسب مصادر مطلعة، تمسّكت قوى سياسية بارزة، بما فيها وزراء "القوات اللبنانية"، بضرورة طرح بند حصر السلاح للتصويت في حال فشل التوصل إلى توافق.

في المقابل، حاول ثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" تأجيل مناقشة الملف أو شطبه من جدول الأعمال، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل. ويبقى السؤال المحوري: هل سيشارك الوزراء الشيعة في الجلسة، أم سيقاطعونها، خاصة مع تأكيد غياب وزيرين بسبب تواجدهما خارج البلاد؟ 

توافق مبدئي وتحديات كبيرة 

أكدت مصادر وزارية أن الرئاسات الثلاث توصلت إلى توافق مبدئي على خطتين رئيسيتين: الأولى، إقرار مبدأ حصر السلاح بيد الدولة وتطبيقه على جميع الفصائل غير الشرعية دون استثناء، والثانية، تحديد مهلة زمنية تنتهي في 31 ديسمبر 2025 لتنفيذ الخطة على مراحل. 

رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يُعدّ حليفًا وثيقًا لـ"حزب الله"، أبدى تأييده لمشاركة الوزراء الشيعة في الجلسة، مشددًا على التزامه بالعمل لمصلحة لبنان وأمنه. ومع ذلك، أشار مصادر إلى أن الجناح العسكري لـ"حزب الله" أبلغ بري بأنه لن يسلم سلاحه حتى في حال انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، محذرًا من استعداد الحزب للتصادم إذا أصرت الدولة على نزع السلاح. 

تحركات موازية وتوترات محتملة 

في سياق متصل، برزت تحركات ميدانية أثارت الجدل، حيث هددت جهات تُعرف بـ"عشائر البقاع" بتنظيم تحركات موازية للجلسة الحكومية، في خطوة رأى فيها البعض محاولة من "حزب الله" للضغط عبر الشارع. كما انتشرت دعوات لإضراب عام بالتزامن مع الجلسة، دون أن تتبناها جهات حزبية رسمية، حيث جاءت من أكاديميين ورجال دين دون تحديد أماكن التجمع أو طبيعة التحرك. 

من جهته، حذّر وزير العدل عادل نصار من تبعات إصرار "حزب الله" على الاحتفاظ بسلاحه، قائلاً: "إذا اختار الحزب الانتحار برفضه تسليم السلاح، فلن يُسمح له بجرّ لبنان والشعب اللبناني معه". وأشار نصار إلى احتمال تأجيل البت في الملف إلى جلسة أخرى يوم الخميس المقبل، مع إصراره على ضرورة وضع جدول زمني واضح لتسليم السلاح. 

ضغوط دولية وتحديات داخلية

تتزامن هذه التطورات مع ضغوط أمريكية متزايدة، حيث أكد المبعوث الأمريكي توماس باراك أن استمرار "حزب الله" في الاحتفاظ بسلاحه يعيق المفاوضات، محذرًا من أن عدم التزام الحكومة اللبنانية قد يؤدي إلى تصعيد إسرائيلي، بما في ذلك ضربات محتملة على بيروت. كما أعربت مصادر دبلوماسية عن استياء أمريكي من الرد اللبناني على مقترحات باراك، معتبرة أنه لم يرقَ إلى مستوى التوقعات. 

في المقابل، أكد الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم أن الحزب لن يسلم سلاحه طالما استمرت الهجمات الإسرائيلية واحتلال الأراضي اللبنانية، مشروطًا أي مفاوضات بانسحاب إسرائيل الكامل. 

آفاق المستقبل 

تشكّل جلسة مجلس الوزراء اليوم نقطة تحول محتملة في مسار لبنان السياسي والأمني.

 فإما أن تؤدي إلى قرارات حاسمة تعزز سيادة الدولة وتضع حدًا للسلاح غير الشرعي، أو أن تؤجل الملف وسط انقسامات سياسية وتصعيد محتمل. ومع استمرار التوترات الداخلية والضغوط الخارجية، يبقى السؤال: هل ستتمكن الحكومة اللبنانية من فرض سلطتها وتحقيق الاستقرار، أم ستظل رهينة التوازنات السياسية الدقيقة؟